top of page

قال لي: في غربتي القصيرة أعددت لها شوقا لملمته وفندته في أيام الغربة فغدا كثير المعاني ممتد الأماني يعانق بابتهالاته عنان السماء , لم أشك لحظة أنها في نفس الوقت كانت تمسك مثلي القلم وتخط من بين بنانها أحلي الكلم , لأن أوقاتنا لم يشوبها منذ التلاقي ألم أو يعتريها رغم الصعاب جمود أو ندم ,  ولم أشك لحظة أنها تدرك مثلي معني الحب الفائر الغوار وكانت تعتلي صهوة جواده الجامح باقتدار, وتقدر أن تخوض غمار الليل الموحش ونبضي داخلها يسري في دمها يحثها علي الثبات والتقدم , كانت منتهي الحب إن كانت له نهاية وكانت نهايته في البداية فقد كنا نمتلك البداية, فعندها انفض مل في جعبة القلب الحزين ومعها يسكن الوجد المؤرق داخلي, منحتها مشاعري فقد كانت ما امتلك , ومنحتني الدفء والحنان الممزوج بالأمان فكنت وليدها وان لم تكن أما , يكفيني أنني كنت اغتسل من دموعها إن بكت , ويكفيك أن تعرف أنني قد تركت آثامي قبل أن أدق بابها , لم تكن حبا فحسب بل كانت الحياة تجسدت بكل قدسيتها , ذات يوم قالت لي إنك دائما أمامي استلهم منك أفكاري وان غبت جسدتك داخلي واقتربت أتحسسك لاستمد قوتي من وجودك ,  أنت من تمنحني القدرة علي البقاء بل القدرة علي الحياة , كنت اجلس في محل عملي ارقب ما حولي من نجوم أو سحاب وأتابع بعيني موج البحر الذي يأتي من سفر طويل أو ذلك الذي يستعد للرحيل, فيراودني شعور أنني أري فيه نفسي ويجتاحني إحساس دفين بان هذا قدري ,  لم يكن المكان موحشا للغاية لكني اعتدت عليه بعض الشيء ذلك لأنني أخرج أوراقي فأعيد صياغتها أو أبث أساي إلي الورق, أحول دون تسرب اليأس المملول إلي نفسي المتعبة

 كان المكان نائيا عن العمران لكني كنت أجد فيه ملاذا لتذكاراتي السوداء وعند كل صباح كنت احلم باقتراب موعد الأجازة حتى ارتد إلي نفسي , إليها

 كم هو جميل أن تشعر أن هناك من ينتظرك من يحتضن مشاعرك ويمتص الهم الذي يجيش في خلجات نفسك, من يملك أن يعطيك حين تفقد قدرتك علي العطاء أو حين يبخل الآخرين

 كانت كعهدي بها سخية الجود بمشاعرها وعطايا الحب لديها كثيرة

مشاعرها لم تكن يوما بخيلة , كانت نهرا فياضا بأحاسيس شفافة , بريئة, قادرة علي أن تحيل جافل الليل المهزوم داخلك إلي إشراقه شمس متفائلة ,  وكنت حنونا معها لأنني كنت أحبها فوق الحب , مرت بي أياما جهما , وأياما في سأم مبهم المعني والسبب , وأياما يلعقني العطش مع أن الماء يبلل الأحشاء لكنني لم أكن لأرتوي إلا من ذلك السلسبيل الذي ينبع من كفيها فيفيض ويغدق.

وأظل انهل وانهل من عطرها وأتنفس حتى يمتلئ صدري الأجوف إلا من قلب مرهف ,  وكانت تمر غيرها من الأيام لا أجد ما أسد به رمقي سوي الذكري وأحيانا اقتات الخبز المغموس بالدمعات,ولكني رغم الضيق يعتصر الفؤاد ورغم تراكم الضجر المبحر في السأم. كانت تنفرج أساريري كل مساء حين أنام ففي النوم لقاء فردوسي القسمات يتجدد كل يوم ,  وقرب موعد أجازتي وكأني الرضيع يشتاق ملهوفا إلي صدر أمه في الإصباح والإمساء  , سبقني طيفي المضطرم يحمل حقائب شوقي وهيامي , وكنت انظر من الأتوبيس وفي يدي بضع وريقات كتبتها , لست ادري ما حدث لكنني انقبضت فجأة وتنبهت فلملمت أوراقي المتناثرة من بين أقدام المسافرين , وعللت ذلك بإرهاق السفر , وحين وصلت رميت حقائبي المرهقة وبيد لا تخفي رعشتها عن العيون المترقبة أدرت القرص , وردت  , كم هو رائع أن اسمع صوتها بعد عناء الصمت جاء ككل مرة رخيما نديا يعزف أعزب سيمفونية ويهز بنبراته الوسنانة أوتار القلب مني ,  طمأنتني عن صحتها وسالت في فضول عن صحتي وبخاصة أعصابي وقالت سأخبرك مالا يسرك فارتجفت , لكنها لم تدثرني ككل مرة ارتجف بل أعملت بخنجر كلماتها المسنون في بقايا الضلوع ألهرئة  وهشمت عظامه بلا رحمة ونبشت بأظافرها رفاته فعرته ووهبته للرياح , قالت خطبتي كانت بالأمس ,  حسبتها دعابة أو ثقيل من مزاح كررت الكلمات , فقابلت السماعة بالتليفون في صمت , ولذت بصمت كأنه الموت ونأيت عمن حولي ذاهلاً  واجماً ولم اصدق وأطرقت حينا ثم لملمت أشلاء نفسي المبعثرة وخرجت أسير مثقلا بالذكري تنحر في جنباتي الدامية وفي عيوني دمعة مستكبرة أو دمعتين ,  كانت خطواتي تعرف الطريق لمكان عملها  , ألفيتها تخرج وتعرج إلي احدي السيارات بداخلها رجل ينتظر ,  اقتربت منها حييتها,فتحت باب السيارة وأدخلت قدما وقبل أن تسحب الأخرى ردت بنظرة يأسه مستفسرة كأنها تسألني  , من أنت ؟

 

 قال لي ثم رحل فقد عاد ليرتحل.

 

 مساء 3 يناير عام 1991 جزيرة تيران - شرم الشيخ - مصر

 

الغيرة

من قلب شاعر

 

 

ما تغيريش يا حبيبتي أبدا ما تغيريش

 يعني لو ما قابلتكيش كنت أعيش

 ولا حبك زيه ألاقي لأ  مفيش

 هو إحساسي اللي حسه لو لغيرك كنتي أكيد متحسنيش

 ولا صوتي بهمس حبك يحكي قصة متنتهيش

 ولا نظرات التمني اللي شوقها مينطفيش

 ألف مليون لمسة ليكي وألف ضمة متروينيش

 وكل لحظة عشق بينا ده اللي بينا ما يتحكيش

 ولسة باين ليا غيرتك طب أمتي طيب متغيريش

 طب لو قلت لك بحبك   قد سنين الدنيا واكتر

 قد كل طفل ييجي  وش دنيا ويعيش ويكبر

 قد رمل جبال وميه قد نهر بحور شوية

 لو قلت لك اكتر واكبر ليكي حق متصدقيش

 يعني لو مكتوب علي قلبك بحبك

 وأنتي جوه وريدي نبض حياة مبتنتهيش

 عارفة لما البرد يوجع والغطا ميدفنيش

 بحس أنفاسك تدفي كل ليل مبينتهيش

 يعني روحي دايبة  فيكي ومهما روحتي متبعديش

 يعني اكون لك كضلك بس انتي ما تزهقيش

 يعني ارسملك حياتي فوق جبينك متخافيش

 انتي علي جبيني حبيبة يعني أموت ولا أعيش

 يبقي ليه الغيرة أصلا وانتي فيا مسيبتنيش

 ولا أقولك غيري اكتر ده لولا غيرتك محبكيش

 

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page

الآراء الواردة تعبر عن رأي كاتبها وليس الجريدة

إبراهيم حجاج

قصة قصيرة

عائد في الرحيل

نشرة الأخبار

مقالات الكتاب

 جريدة الشارع المصري © جميع الحقوق محفوظة

GET MORE FROM THE TEAM:

  • Instagram Clean
  • Facebook Clean
  • Twitter Clean
bottom of page